سورة عبس - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (عبس)


        


{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} أحياه بعد موته. {كَلا} ردًا عليه، أي: ليس كما يقول ويظن هذا الكافر، وقال الحسن: حقًا. {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} أي لم يفعل ما أمره الله به ولم يؤد ما فرض عليه، ولما ذكر خلق ابن آدم ذكر رزقه ليعتبر فقال: {فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} {فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} كيف قدره ربه ودبره له وجعله سببًا لحياته. وقال مجاهد: إلى مدخله ومخرجه. ثم بين فقال: {أَنَّا} قرأ أهل الكوفة {أنا} بالفتح على تكرير الخافض، مجازه: فلينظر إلى أنا وقرأ الآخرون بالكسر على الاستئناف. {صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا} يعني المطر. {ثُمَّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقًّا} بالنبات. {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} يعني الحبوب التي يُتغذى بها. {وَعِنَبًا وَقَضْبًا} وهو القت الرطب، سمي بذلك لأنه يقضب في كل الأيام أي يقطع. وقال الحسن: القضب: العلف للدواب. {وَزَيْتُونًا} وهو ما يعصر منه الزيت {وَنَخْلا} جمع نخلة. {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} غلاظ الأشجار، واحدها أغلب، ومنه قيل الغليظ الرقبة: أغلب. وقال مجاهد ومقاتل: الغلب: الملتفة الشجر بعضه في بعض، قال ابن عباس: طوالا. {وَفَاكِهَةً} يريد ألوان الفواكه {وَأَبًّا} يعني الكلأ والمرعى الذي لم يزرعه الناس، مما يأكله الأنعام والدواب.
قال عكرمة: الفاكهة ما يأكله الناس، والأبُّ ما يأكله الدواب. ومثله عن قتادة قال: الفاكهة لكم والأبُّ لأنعامكم.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس والأنعام.
وروي عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن قوله: {وفاكهة وأبًا} فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
وروى ابن شهاب عن أنس أنه سمع عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية ثم قال: كل هذا قد عرفنا فما الأبُّ؟ ثم رفض عصًا كانت بيده وقال: هذا والله لعَمْرُ الله التكلف، وما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدري ما الأبُّ، ثم قال: اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وما لا تبين فدعوه.


{مَتَاعًا لَكُمْ} منفعة لكم يعني الفاكهة {وَلأنْعَامِكُمْ} يعني العشب. ثم ذكر القيامة فقال: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ} يعني صيحة القيامة سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع، أي تبالغ في الأسماع حتى تكاد تصمها. {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} لا يلتفت إلى واحد منهم لشغله بنفسه.
حكي عن قتادة قال في هذه الآية {يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه} قال: يفر هابيل من قابيل، ويفر النبي صلى الله عليه وسلم من أمه، وإبراهيم عليه السلام من أبيه، ولوط عليه السلام من صاحبته، ونوح عليه السلام من ابنه.


{لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} يشغله عن شأن غيره.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرني الحسين بن محمد بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا ابن أبي أويس، حدثنا أبي، عن محمد بن أبي عياش، عن عطاء بن يسار، عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يبعث الناس حفاةً عراة غُرْلا قد ألجمهم العرق وبلغ شحوم الآذان، فقلت: يا رسول الله، واسوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض؟ فقال: قد شُغِلَ الناس، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه». {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} مشرقة مضيئة. {ضَاحِكَة} بالسرور {مُسْتَبْشِرَةٌ} فرحة بما نالت من كرامة الله عز وجل. {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} سواد وكآبة الهم والحزن {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} تعلوها وتغشاها ظلمة وكسوف. قال ابن عباس: تغشاها ذلة. قال ابن زيد: الفرق بين الغبرة والقترة: أن القترة ما ارتفع من الغبار فلحق بالسماء، والغبرة ما كان أسفل في الأرض.

1 | 2 | 3